بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمین و صلی الله علی محمد و أهل بیته و أصحابه المنتجبین.
قال الله الحکیم:
هو الذی بعث في الأمیین رسولاً منهم یتلوا علیهم آیاته و یزکیهم و یعلمهم الکتاب و الحکمة و إن کانوا من قبل لفي ضلال مبین. ( سورة الجمعة: آیة2).
إن الله سبحانه و تعالی من علی البشریة حیث بعث فیهم رسولاً لیهدیهم إلی الحق و لینقذهم من الجهل و الفساد. هذا الرسول أولاً کان من جنسهم و نوعهم ، و من أنفسهم کی یستطیعوا أن یجعلوه اسوةً لهم، و لو کان من جنس و نوع غیر الإنسان لما أمکن أن یکون أسوة لهم، کما قال الله تبارک و تعالی فی الرد علی الذین قالوا: «لولا أنزل علیه ملک» ، «و لو جعلناه ملکاً لجعلناه رجلاً و للبسنا علیهم ما یلبسون » ( الأنعام: آیة 9).
ثانیاً بعث النبی (ص) لیتلو علیهم آیات الله سبحانه لیزکیهم من الجهل و الفساد و الشرک و لیعلمهم الکتاب و الحکمة. إن التزکیة و تطهیر النفس من فساد الأخلاق و الرذائل و الشرک مقدم علی العلم. لأن العلم فی نفسه لایوجب کملاً للإنسان، بل قد یکونالعلم سبباً للفساد و الشرور، کما نری الیوم استخدم الإنسان العلم للقتل و الدمار و الفساد.
إن العلم فی العام الغربی قد أدی إلی التکنولوجیة الحدیثة و التی سببت خسائر کبیرة للمجتمع البشری، من القتل و الدمار من جهة ، و ترویج فساد الأخلاق و الشهوات النفسیة عن طریق الأقمار الصناعیة و غیرها من جهة اخری. فاذا لم یکن العلم فی جنب تزکیة النفس تحدث هذه الأثار المخربة.
إن النبی (ص) خلال دعوته طیلة ثلاثة و عشرون سنة استطاع بإذن الله أن یحول المجتمع الجاهلی إلی مجتمع روحی یسیطر علیه الأخلاق و القیم الانسانیة. فقد تحولت الخصومات و الحروب الرائجة بینهم قبل البعثة إلی الإخاء و المحبة و تحول الفساد و الشرک إلی الصلاح و التوحید، و لاإخلاص فی العمل. قال الله تعالی: « و اذکروا نعمة الله علیکم إذ کنتم أعداءً فألف بین قلوبکم فأصبحتم بنعمته إخواناً و کنتم علی شفا حفرة من النار فأنقذکم منها. (آل عمران: 103).
و الجتمع البشری الیوم بحاجة ماسة إلی هذا التحول و الإنقلاب الروحی، کی یصل إلی العدالة الإجتماعیة و السلام العالمی و لکی یرتفع الظلم و الفساد، و الشهوات و الأهواء النفسیة عن وجه المجتمع.
و من النقاط التی یجب أن نؤکد علیها أن الرسول الأعظم صلوات الله علیه قد أتی بدین وسط عقلانیو روحی للمجتمع بأجمعه. فإن الاسلام بریء من الظلم و الإرهاب و تضییع حقوق الإنسان. إننا و مع الأسف نواجه الیوم الجماعات المختلفة المتطرفة التی تدعی الإسلام و تعمل أعمالاً لیس من الإسلام فی شیء و اللإسلام بریء منها تماماً. نحن نشاهد الیوم الإرهابیین التکفیریین فی سوریا یقتلون الأبریاء و یأکلون أکبادهم و ینادون ألله أکبر!! و هنالک التکفیریین فی نیجریا یسرقون البنات و یبیعونهن بصفة الإماء..
و هناک من ینادی الفرقة بین الشیعة و السنة و یذیعون الدعایات بعضهم ضد بعض و یقومون بأعمال لا یستقیم مع الفکر الشیعی و لا السنی. إن الاسلام الیوم و مع الأسف یواجه المتطرفین من الشیعة و السنة. هؤلاء الشیعة المتطرفون الذین یسیؤن رموز الإسلام و یقومون بأعمال غیر عقلانیة من التطبیر و اللعن و التکفیر، کما أن فی الجانب الأخر یوجد سنیون متطرفون الذین یکفرون الشیعة و یخرجونهم عن دائرة الإسلام. إن کل هذه المحاولات أعمال شیطانیة لغرض إیجاد الفرقة و الشتات فی صفوف المسلمین و کسر هیمنة الإسلام و قدرتها، و لیس وراء هذه المحاولات الشریرة إلا أیدی اسرائیل و أعداء الإسلام.
نسأل الله سبحانه و تعالی أن یحفظ الإسلام و المسلمین من شرور أعدائهم و أن یخذل المنافقین و الأشرارمن بینهم. ربنا لاتجعلنا فتنة للذین کفروا و اغفر لنا إنک أنت العزیز الحکیم. ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذین سبقونا بالأیمان و لاتجعل فی قلوبنا غلاً للذین آمنو ربنا إنک رؤوف رحیم. ربنا آمنا فاغفر لنا و ارحمنا و أنت خیر الراحمین.
و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته
